22 - 06 - 2024

تباريح | عباءة الدين

تباريح | عباءة الدين

(أرشيف المشهد)

10-12-2012 | 19:46

كل الشواهد ضد الإخوان .. تحقيقات النيابة .. شهادة جنود الأمن .. شهادات من تم اختطافهم وسحلهم وضربهم على يد المنتمين للتنظيم ، ومع ذلك يخرج رئيس الجمهورية ومرشد الجماعة ليمثلا دور الضحية أمام الناس ويؤكدا أن الإخوان هم من دفعوا الشهداء والعدد الأكبر من الجرحى في "غزوة الاتحادية".

ليس معقولا أن يكون كل شيء يتآمر ضد الإخوان .. مقاطع الفيديو .. الصور التي تم التقاطها ، واقع الحال أمام الاتحادية قبل وبعد الهجوم الكاسح من أفراد التنظيم .. الإخوان وحدهم صادقين ، ومن عداهم كاذب ومتآمر وملفق ، بل وكافر أو زنديق .

هذه القسمة في مصر من عمل الشيطان ، فالبلد المتسامحة على مر التاريخ لم تعرف أبدا احتكار الحديث باسم الله ، فالغالبية الغالبة من المصريين متدينون بالفطرة .. يصلون ويصومون ويتصدقون سرا وجهرا .. سواء كانوا مسلمين أو أقباطا ، وإلباس السياسة رداء الدين لن يفلح ، بل سيفشل ، وسيذهب دعاته معه إلى مزبلة التاريخ .

نحن إذن أمام صراع سياسي .. الدين منه براء وإن ادعى المدعون .. لا تحاول إقناعي بأن من يتصدرون المشهد من الدعاة هم تعبير عن صحيح الإسلام ، فالذي يخطب على منبر أو بجواره وكأنه يجلس في "غرزة" لا يمكن أن يكون داعية لله وإن ادعى .. فالداعية وقور ومهذب ومقنع لمن حوله  بأفعاله قبل أن يكون مقنعا بأقواله ، أما من يردد ألفاظا فيها من الفجور وقذف المحصنات ونعت المخالفين بالكفر والزندقة ، ووصف البشر المكلفين بأنهم كلاب ، فهو ينفر من الدين ويسيء إلى الإسلام أكثر مما ينفع ، وينبغي محاكمته على ذلك وليس توقيره وتعظيمه وحفظ هيبته.

التنظيمات الدعوية التي دخلت السياسة وتتعامل مع مصر باعتبارها مجتمعا كافرا ، ومع ذاتها باعتبارها حاملة شعلة الإيمان ترتكب جريمة في حق الإسلام ، فمصر عرفت التدين والتوحيد حتى قبل نزول الأديان السماوية ومثلت فيما بعد نزولها الحضن الدافيء للمسيحية ثم للإسلام ، والأزهر ظل منارة سمحاء لصحيح الدين .. يقود الثورة ضد المحتلين ، وضد مظالم الحكام المستبدين على مدى ألف عام ، والمآذن في بلدي تفوق أي بلد آخر في العالم ، كان ذلك قبل نشأة جماعة الإخوان وكل التنظيمات التي تتشدق بحمل الراية  ، وسيبقى بعد أن تزول.

فرجاء اخلعوا عباءة الدين عن السياسة وعاملوا الناس باعتبارهم خصوما سياسيين .. وتوقفوا عن الإيحاء لأتباعكم المغرر بهم بأنكم تخوضون معركة كفر وإيمان .. ودعاة شريعة في مقابل خصوم لترديد اسم الله  .. قولوا لأتباعكم أن الدنيا غايتكم والسلطة منتهى آمالكم .

مقالات اخرى للكاتب

تباريح | مصر ليست مجرد أغنية!





اعلان